أنتم
المسيحيون كفرة!
سؤال:
أنتم المسيحيون كفرة!
الإجابة:
الكُفر
هو ضد الإيمان لأنه كفر بالله. والكفر atheism
هو أيضًا ضد الشكر (جحود النعمة). فالكافر
هو مَنْ ينكر وجود الله؛ أي ينكر أن يكون الله أصلًا للوجود وخالِقًا للعالم.
ونحن
المسيحيين نؤمن بأن الله خالِقنا "يا رب أنت جابِلنا وكلنا عمل يديك" (إشعياء
8:64). وأنه خالق السماء والأرض (مزمور 25:102). وأن كل ما نتمتع به من خيرات أرضية هي من عنده (إنجيل
متى 11:7)
وإن
كنت تدعوني كافرًا لأني مختلف عنك في دينك، فهل تقبل أن أدعوك أنت كافرًا لأنك
مختلف عن ديني؟! وإن كان لا، فلماذا
تُكَفِّرني؟! وهل من الحكمة أن يتبادَل
الناس إتهام بعضهم البعض بالكفر بسبب اختلافهم في عقائدهم؟ إن التعبير العاقل أننا مختلفان في الدين ولسنا
كافرين.. كلانا مؤمن بإله واحد خالق
السماء والأرض.. وليت كل واحد منّا يحترم
ديانة وعقيدة الآخر، ونبعد عن الحقد والضغينة التي تهدم المجتمع لا تبنيه.
وأريد
أن أسألك سؤالًا: هل يصح للمسلم الارتباط بكافرة؟ الإجابة هي لا حسب النص الصريح
المكتوب في القرآن "ولا تنكحوهن حتى يؤمن"! إذًا، فنحن غير كفرة، بدليل السماح للمسلم
التزوج بمسيحية. بل بالأكثر، فقد ارتبط
النبي محمد رسول الإسلام بـ"ماريا القبطية"!
تحديث:
أتانا بعض الردود على الإيميل حول هذا المقال، ونود أن نوضح أن الرد السابق هو لمن
يريدون النظر في نقاط التلاقي والتعايش مع الآخر في هدوء.. ولم يكن الكلام يحمل نقاطًا عقائدية ولاهوتية
عميقة.. بل مجرد كلام عام للمسلم
المُعْتَدِل.. ولكن دعنا نضيف التالي:
أخي
الحبيب.. المفهوم الذي قصدناه للكفر هو الشرك بالله.. أو عدم الإيمان بالله خالق
السماء والأرض وكل ما فيها.. وهو يختلف عن مبدأ التكفير الإسلام مثلًا.. فنعم غير
المسيحيون لا يؤمنون بعقيدة المسيحيين.. والمسلمون لا يؤمنون بعقيدة غير المسلمون..
ولكن نقطة أن هذا غير مؤمن في المسيحية، تختلف عن أن هذا كافر في الإسلام!
فردنا
السابق هو رد عام للمسلم المعتدل الذي يسعى إلى مساحات مشتركة مع الآخرين في
التعايش والمحبة.. ليس إلا..
أما
إن أردت التحدث بالتفاصيل، فعليك البحث في موضوع التكفير في الإسلام، وموضوعات
مثلًا الارتداد وغيره.. بل المهزلة ما نراه على الساحة المصرية الآن (بعد ثورة 25
يناير 2011) من تكفير الطوائف الإسلامية لبعضها البعض.. لدرجة أن شيخ الأزهر نفسه
قال أن هذه الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تخرج من المسلم المعتدل، ولا الأزهري
الدارِس.. حول التفكير السلفي وغيره.. فنرى الآن محاولات الوحدة الوطنية خرجت من
كونها بين المسيحيون والمسلمون، ولكن مشاكل الوحدة الوطنية الحالية بالأكثر هي ما
بين الأخوان المسلمون، السلفيون، المسلمون المعتدلون، الصوفيون، القرآنيون.. إلخ!!
أفهمت
الفرق يا عزيزي في نقطة التكفير؟
كتاب
الله يقول: "الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى
مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 2:
4)، فهو يدعو الجميع إلى الإيمان بمحبة.. والعقاب
لغير المؤمن في الأبدية حسبما يدينه الله..
أما في الإسلام فنرى لعنة للكافرين: "لَعْنَةُ اللَّه عَلَى
الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 89)، ونرى "اللَّهَ عَدُوٌّ
لِّلْكَافِرِينَ.. اللَّهَ لاَ يُحِبُّ
الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 98؛ سورة آل عمرن 32).. فمن ناحية نرى الله يدعو الناس للهداية
والخلاص، وعلى الجانب الآخر نرى "اللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ" (سورة البقرة 264)..
نحن
لا نقارن ولا نقلل من قيمة ما تؤمن به، ولكننا وددنا فقط توضيح الفرق بين المسيحية
والإسلام في نقطة التعامل مع غير المؤمنين..
وهذا هو سبب استهتار البعض بالرد البسيط الأول الذي وضعناه هنا.
المسيحية
تحب الجميع، وكل إنسان له احترامه بغض النظر عن السن أو الجنس أو الدين أو التوجه
العقيدي وغيره.. فالله الذي خلقك هو الذي
خلقني.. ومبادئ المسيحية هذه هي التي جعلت
العالم الغربي في تطوره واحترامه للإنسانية عبر العصور.. ومازال عالمنا العربي للأسف فريسة للجهل
والاستبداد ومطمعًا لكل ديكتاتور يفعل به ما يريد.. فاختلاف دين الآخر في المسيحية، لا يجعلني أقلل
من شأنه، أو لا أحترمه، أو لا أقبل سلطته في العلاقات الاجتماعية من العمل وغيره.. ولكن على الناحية الأخرى نرى بعض المسلمون ضد
هذه الحقوق الإنسان الطبيعية، اعتمادًا على آيات مثل: "لاَّ يَتَّخِذِ
الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة آل
عمران 28)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ
أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة النساء 144).. إلى غير ذلك من الآيات.. فالولاية هنا لها علاقة بالولاية الدينية
الإسلامية لرجال الدين وغيره.. أما في
السياسة والحياة العامة، فلا يصح تطبيق هذه الأمور، لأنها تعني أن أي شخص غير مسلم
(أو بمعنى أصح لا يتبع طائفة الإسلام التي تتبعها بالضبط فقط)، له حقوق أقل من
الإنسان العادي! ويصبح لدينا امتهان لحقوق
الإنسان، وعودة إلى عصور التخلف التي رأيناها في أمريكا مثلًا من وضع الأفارقة
السود في مرتبة بشرية أقل من الإنسان الأبيض، إلى غير ذلك..
فيا
صديقي المُقَرَّب إلى قلبي جدًا.. الله
خلق جميع البشر، وللجميع حقوق متساوية.. فهو
"يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى
الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (إنجيل متى 5: 45)، وهو وحده الديّان الذي له
حق دينونة البشر.. فليس من حق أي إنسان أن
يحكم على أي إنسان آخر بناءً على وجهة نظره هو وحده، كأنه يحتكر الحق المطلق، وحتى
هذا الحق الذي يراه لا يتفق عليه جميع البشر..
فكن
حكيمًا، وخذ الأمور بهدوء وبساطة.. فلا
يوجد لدينا كمسيحيون ومسلمون حربًا.. دعنا
نسمو فوق الاختلافات، نعمل معًا على رفعة الوطن، ونتلاقى في الخدمات الاجتماعية
والفضائل الروحية العامة، بدون الغوص في أمورًا تزيد الفوارق بهدف التفرقة..
وليكن
الله معك ومعنا، وليحفظنا في جميع طرقنا..
1 التعليقات:
شكرا على الموضوع
إرسال تعليق
يسعدنا تعليقكم علي الموضوع