Subscribe:

ads1

11

الخميس، 6 سبتمبر 2012

ملف كامل عن النيروز


+
ملف كامل عن النيروز   


مقدمة عن التقويم القبطي




قال هيرودت المؤرخ الإغريقى (قبل الميلاد بحوالى ثلاثة قرون) عن التقويم القبطى (المصرى): [وقد كان قدماء المصريين هم أول من أبتدع حساب السنة وقد قسموها إلى 12 قسماً بحسب ما كان لهم من المعلومات عن النجوم، ويتضح لى أنهم أحذق من الأغارقة (اليونانيين)، فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يوماً ويضيفون خمسة أيام إلى السنة لكى يدور الفصل ويرجع إلى نقطة البداية] ولقد قسم المصريين (منذ أربعة آلف ومائتى سنة قبل الميلاد) السنة إلى 12 برجا فى ثلاثة فصول (الفيضان - الزراعة - الحصاد) طول كل فصل أربعة شهور، وقسموا السنة إلى أسابيع وأيام، وقسموا اليوم إلى 24 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية وقسموا الثانية أيضا إلى 60 قسماً.
والسنة فى التقويم القبطى هى سنة نجمية شعرية أى مرتبطة بدورة نجم الشعرى اليمانية (Sirius) وهو ألمع نجم فى مجموعة نجوم كلب الجبار الذى كانوا يراقبون ظهوره الإحتراقى قبل شروق الشمس قبالة أنف أبو الهول التى كانت تحدد موقع ظهور هذا النجم فى يوم عيد الإله الغظيم عندهم، وهو يوم وصول ماء الفيضان إلى منف (ممفيس) قرب الجيزة. وحسبوا طول السنة (حسب دورة هذا النجم) 365 يوماً، ولكنهم لاحظوا أن الأعياد الثابتة الهامة عندهم لا تأتى فى موقعها الفلكى إلا مرة كل 1460 سنة، فقسموا طول السنة 365 على 1460 فوجدوا أن الحاصل هو 4/1 يوم فأضافوا 4/1 يوم إلى طول السنة ليصبح 365 يوماً وربع. أى أضافوا يوماً كاملا لكل رابع سنة (كبيسة). وهكذا بدأت العياد تقع فى موقعها الفلكى من حيث طول النهار والليل. وحدث هذا التعديل عندما أجتمع علماء الفلك من الكهنة المصريين (قبل الميلاد بحوالى ثلاثة قرون) فى كانوبس Canopus (أبو قير حاليا بجوار الأسكندرية) وأكتشفوا هذا الفرق وقرروا إجراء هذا التعديل فى المرسوم الشهير الذى أصدره بطليموس الثالث وسمى مرسوم كانوبس Canopus

وشهور السنة القبطية هى بالترتيب: توت, بابه, هاتور, كيهك, طوبة, أمشير, برمهات, برمودة, بشنس, بؤونة, أبيب, مسرى ثم الشهر الصغير (النسئ) وهو خمسة أيام فقط (أو ستة أيام فى السنة الكبيسة). ومازالت هذه الشهور مستخدمة فى مصر ليس فقط على المستوى الكنسى بل على المستوى الشعبى أيضاً وخاصة فى الزراعة. ولقد حذف الأقباط كل السنوات التى قبل الأستشهاد وجعلوا هذا التقويم (المصرى) يبدأ بالسنة التى صار فيها دقلديانوس امبراطوراً (عام 284 ميلادية) لأنه عذب وقتل مئات الآلاف من الأقباط , وسمى هذا التقويم بعد ذلك بتقويم الشهداء وهو الأن سنة 1715 للشهداء الأطهار.



عصر الأستشهاد إمتحان للإيمان

عندما‏ ‏تعيد‏ ‏الكنيسة‏ ‏بأعياد‏ ‏الشهداء‏ ‏إنما‏ ‏تقدم‏ ‏لنا‏ ‏نماذج‏ ‏للبطولة‏ ‏وللصبر، وللثبات‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏ولمحبة‏ ‏المسيح، والارتباط‏ ‏بالإيمان‏ ‏به‏ ‏وعدم‏ ‏التفريط‏ ‏في‏ ‏العقيدة‏ ‏وعدم‏ ‏التزعزع، إننا‏ ‏لا‏ ‏نحتفل‏ ‏بالنسبة‏ ‏لأعياد‏ ‏الشهداء‏ ‏بعيد‏ ‏ميلاد‏ ‏لهم، إنما‏ ‏نحتفل‏ ‏بعيد‏ ‏استشهاد، والكنيسة‏ ‏بهذا‏ ‏تريد‏ ‏أن‏ ‏تضع‏ ‏أمام‏ ‏أنظار‏ ‏شعبها‏ ‏بطولة‏ ‏وقداسة‏ ‏هؤلاء‏ ‏الشهداء‏ ‏وتقدم‏ ‏نماذج‏ ‏في‏ ‏الإيمان‏ ‏الثابت‏ ‏غير‏ ‏المتزعزع، وحتي‏ ‏تكون‏ ‏باستمرار‏ ‏أمثال‏ ‏هذه‏ ‏الأعياد‏ ‏حافزا‏ ‏لنا‏ ‏أن‏ ‏نكون‏ ‏نحن‏ ‏أيضا‏ ‏ثابتين‏ ‏علي‏ ‏إيمانن، إذا‏ ‏تعرضت‏ ‏حياتنا‏ ‏لنوع‏ ‏من‏ ‏الضيق‏ ‏أو‏ ‏الألم‏ ‏أو‏ ‏الاضطهاد، فنتخذ‏ ‏من‏ ‏صبر‏ ‏آبائنا‏ ‏ومن‏ ‏ثباتهم‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏نموذجا‏ ‏وأمثولة‏ ‏ومثلا‏ ‏أعلي، حتي‏ ‏لا‏ ‏ننسي‏ ‏هذا‏ ‏الدرس‏ ‏في‏ ‏خضم‏ ‏الحياة‏ ‏أو‏ ‏تحت‏ ‏متاعبه، حتي‏ ‏لا‏ ‏ننسي‏ ‏أنفسنا‏ ‏إذا‏ ‏اظلمت‏ ‏الدنيا‏ ‏وضاقت‏ ‏واستحكمت‏ ‏حلقاته، من‏ ‏وقت‏ ‏لآخر‏ ‏تقدم‏ ‏لنا‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏أمثال‏ ‏هذه‏ ‏الأعياد‏ ‏سيرة‏ ‏هؤلاء‏ ‏الأبطال‏ ‏الذين‏ ‏سبقونا‏ ‏لنتعلم‏ ‏منهم‏ ‏حتي‏ ‏إذا‏ ‏فترنا‏ ‏في‏ ‏لحظة‏ ‏من‏ ‏اللحظات، أو‏ ‏ضعفنا‏ ‏وضعف‏ ‏إيماننا‏ ‏وخارت‏ ‏قوانا‏ ‏نعود‏ ‏فنتشجع‏ ‏ونتقوي‏ ‏فنثبت‏.‏
في‏ ‏أيامنا‏ ‏هذه‏ ‏نسمع‏ ‏بعض‏ ‏أصوات‏ ‏من‏ ‏شعبن، لماذا‏ ‏الله‏ ‏تركنا‏ ‏لماذا؟‏ ‏لماذا‏ ‏يسمح‏ ‏بالضيقات‏ ‏لن، أمثال‏ ‏هذه‏ ‏الأسئلة‏ ‏وعتاب‏ ‏مستمر‏ ‏نعتب‏ ‏به‏ ‏علي‏ ‏الله، كأن‏ ‏الله‏ ‏هو‏ ‏المخطئ، ونسوا‏ ‏أننا‏ ‏نحن‏ ‏نمتحن‏ ‏أحيان، وفي‏ ‏هذا‏ ‏الامتحان‏ ‏نثبت‏ ‏إذا‏ ‏كنا‏ ‏حقا‏ ‏بالحقيقة‏ ‏مؤمنين‏ ‏وإلا‏ ‏كانت‏ ‏تبعيتنا‏ ‏للمسيح‏ ‏تبعية‏ ‏سطحية، لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏من‏ ‏وقت‏ ‏إلي‏ ‏آخر‏ ‏امتحان، والامتحان‏ ‏ليس‏ ‏معناه‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏بعيد‏ ‏عنا‏ ‏إنما‏ ‏يرقب‏ ‏من‏ ‏السماء‏ ‏ليري‏ ‏ماذا‏ ‏نحن‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏صبر‏ ‏واحتمال، ماذا‏ ‏نحن‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏أمانة، كن‏ ‏أمينا‏ ‏حتي‏ ‏الممات‏ ‏فأعطيك‏ ‏إكليل‏ ‏الحياة‏ ‏لا‏ ‏يمنح‏ ‏الإكليل‏ ‏عبث، ولا‏ ‏يمنح‏ ‏بغير‏ ‏ثمن، لا‏ ‏يمنح‏ ‏مجان، كن‏ ‏أمينا‏ ‏حتي‏ ‏الممات‏ ‏أعطيك‏ ‏إكليل‏ ‏الحياة‏.‏
إذا‏ ‏كان‏ ‏هناك‏ ‏صبر، إذا‏ ‏كان‏ ‏هناك‏ ‏إيمان، إذا‏ ‏كان‏ ‏هناك‏ ‏احتمال‏ ‏هنا‏ ‏يكون‏ ‏الإنسان‏ ‏جديرا‏ ‏بأن‏ ‏ينال‏ ‏الجزاء، إنما‏ ‏الديانة‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏رخيصة، إذا‏ ‏كانت‏ ‏تبعيتنا‏ ‏للمسيح‏ ‏سطحية، فكيف‏ ‏ننال‏ ‏الجزاء‏ ‏وأين‏ ‏ومتي‏ ‏يظهر‏ ‏الاحتمال‏ ‏والإيمان؟‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏نحبه‏ ‏نحتمل‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏وهذا‏ ‏دليل‏ ‏الحب، إذا‏ ‏كان‏ ‏حبا‏ ‏صادق، إنما‏ ‏لا‏ ‏يظهر‏ ‏الحب‏ ‏صادقا‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏امتحن، ففي‏ ‏الامتحان‏ ‏يظهر‏ ‏عنصر‏ ‏الإنسان، عندما‏ ‏يكون‏ ‏فيه‏ ‏قطعة‏ ‏من‏ ‏المعدن، ونريد‏ ‏أن‏ ‏نعرف‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏ذهبا‏ ‏حقيقيا‏ ‏أم‏ ‏ذهبا‏ ‏مزيف، يوجد‏ ‏ما‏ ‏يسموه‏ ‏المحك‏ ‏نحك‏ ‏به‏ ‏هذه‏ ‏القطعة‏ ‏الذهبية، بهذا‏ ‏المحك‏ ‏يتبين‏ ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏حقا‏ ‏قطعة‏ ‏ذهبية‏ ‏حقيقية‏ ‏من‏ ‏عنصر‏ ‏الذهب‏ ‏النقي‏ ‏أم‏ ‏هي‏ ‏مزيفة‏.‏
التجارب‏ ‏التي‏ ‏تحيط‏ ‏بالكنيسة، الآلام‏ ‏والاضطهاد‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏به‏ ‏يفرز‏ ‏إيمان‏ ‏الصادقين‏ ‏من‏ ‏إيمان‏ ‏الكاذبين، ليعرف‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏حقا‏ ‏الذين‏ ‏يتبعون‏ ‏المسيح‏ ‏يتبعونه‏ ‏من‏ ‏قلوبهم، أم‏ ‏أنهم‏ ‏يتبعونه‏ ‏ظاهري، ومرة‏ ‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏لبعض‏ ‏أتباعه‏ ‏حينما‏ ‏تجمهروا‏ ‏عليه، قال‏ ‏لهم: أنتم‏ ‏تتبعونني‏ ‏لا‏ ‏لأنكم‏ ‏رأيتم‏ ‏آيات‏ ‏فآمنتم، بل‏ ‏لأنكم‏ ‏أكلتم‏ ‏من‏ ‏الخبز‏ ‏فشبعتم‏ (‏إنجيل يوحنا ‏6:2),‏هذا‏ ‏تقرير‏ ‏مر، تقرير‏ ‏مؤلم‏ ‏من‏ ‏رب‏ ‏المجد‏ ‏يسوع‏ ‏ المسيح ، صدم‏ ‏به‏ ‏هؤلاء‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏يتبعونه، جماعات‏ ‏كبيرة‏ ‏يتجمهرون‏ ‏من‏ ‏حوله، ويقولون‏ ‏له‏ ‏لقد‏ ‏أتينا‏ ‏من‏ ‏أماكن‏ ‏بعيدة، كأنهم‏ ‏يريدون‏ ‏أن‏ ‏يظهروا‏ ‏محبتهم‏ ‏له، لكنه‏ ‏عرف‏ ‏أن‏ ‏أكثرهم‏ ‏يتبعونه‏ ‏لا‏ ‏عن‏ ‏إيمان‏ ‏وإنما‏ ‏لكي‏ ‏ينتفعوا‏ ‏من‏ ‏ورائه‏ ‏بمعجزة‏ ‏يصنعها‏ ‏معهم‏ ‏فيؤمنون، أو‏ ‏أنه‏ ‏يقدم‏ ‏لهم‏ ‏مائدة‏ ‏من‏ ‏الطعام‏ ‏فيأكلون‏. ‏قال‏ ‏لهم: أنتم‏ ‏تتبعونني‏ ‏لا‏ ‏لأنكم‏ ‏رأيتم‏ ‏آيات‏ ‏فآمنتم‏ ‏بل‏ ‏لأنكم‏ ‏أكلتم‏ ‏من‏ ‏الخبز‏ ‏فشبعتم‏.‏

فديانتنا‏ ‏لابد‏ ‏من‏ ‏وقت‏ ‏لآخر‏ ‏أن‏ ‏تخضع‏ ‏لمحك‏ ‏والمحك‏ ‏هنا‏ ‏التجربة‏.‏
جزي‏ ‏الله‏ ‏الشدائد‏ ‏كل‏ ‏خير‏ ‏عرفت‏ ‏بها‏ ‏صديقي‏ ‏من‏ ‏عدوي، لولا‏ ‏التجارب‏ ‏لما‏ ‏عرف‏ ‏الإنسان‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏هذا‏ ‏الذي‏ ‏يصادقه‏ ‏عن‏ ‏إيمان‏ ‏أو‏ ‏عن‏ ‏حب‏ ‏أو‏ ‏يصادقه‏ ‏عن‏ ‏منفعة‏. ‏ونحن‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نتبع‏ ‏المسيح‏ ‏لأننا‏ ‏ننتفع‏ ‏من‏ ‏ورائه، فهنا‏ ‏التجربة‏ ‏تجعله‏ ‏يترك‏ ‏ المسيح ، فمن‏ ‏وقت‏ ‏لآخر‏ ‏يسمح‏ ‏للشيطان‏ ‏أن‏ ‏يهز‏ ‏الكنيسة، والمسيح‏ ‏لا‏ ‏يخاف‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الهزة‏ ‏لأنه‏ ‏أقوي‏ ‏منه، وهو‏ ‏يعلم‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏آخر‏ ‏الأمر‏ ‏هو‏ ‏الضامن‏ ‏لسلامة‏ ‏الكنيسة، قال: أبواب‏ ‏الجحيم‏ ‏لن‏ ‏تقوي‏ ‏عليها‏ ‏لأنه‏ ‏الضامن‏, ‏علي‏ ‏هذه‏ ‏الصخرة‏ ‏أبني‏ ‏كنيستي‏ ‏كنيسته‏ ‏مبنية‏ ‏علي‏ ‏صخرة‏ ‏والصخرة‏ ‏هو‏ ‏المسيح، لأنه‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏صخرة‏ ‏غير‏ ‏إلهنا، فلا‏ ‏خوف‏ ‏علي‏ ‏الكنيسة، لكن‏ ‏هذه‏ ‏الهزة‏ ‏تكون‏ ‏لصالحه، هل‏ ‏تعلمون‏ ‏أن‏ ‏الأشجار‏ ‏الكبيرة‏ ‏النخل‏ ‏مثلا‏ ‏تنزل‏ ‏جذورها‏ ‏إلي‏ ‏أعماق‏ ‏الأرض‏ ‏وفي‏ ‏بعض‏ ‏الأحيان‏ ‏تبلغ‏ ‏الجذور‏ ‏في‏ ‏النخلة‏ ‏إلي‏ ‏ضعف‏ ‏طول‏ ‏النخلة، حينما‏ ‏تهزها‏ ‏الأعاصير‏ ‏والرياح‏ ‏الشديدة‏ ‏يبدو‏ ‏أن‏ ‏الشجرة‏ ‏تهتز‏ ‏هزا‏ ‏عنيفا‏ ‏كأنها‏ ‏تنكسر، وطبعا‏ ‏يترتب‏ ‏علي‏ ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏الأوراق‏ ‏تسقط، كما‏ ‏نلاحظ‏ ‏في‏ ‏فصل‏ ‏الخريف‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏الأوراق‏ ‏تسقط، لكنها‏ ‏عادة‏ ‏هي‏ ‏الأوراق‏ ‏الصفراء‏ ‏الضعيفة، سقوطها‏ ‏مؤلم‏ ‏لأنه‏ ‏خسارة‏ ‏ولأنه‏ ‏يلوث‏ ‏الأرض‏ ‏فتتسخ‏ ‏الأرض‏ ‏بهذه‏ ‏الأوراق‏ ‏الصفراء‏ ‏الساقطة‏ ‏علي‏ ‏الأرض، لكن‏ ‏المحصلة‏ ‏النهائية‏ ‏أن‏ ‏سقوط‏ ‏هذه‏ ‏الأوراق‏ ‏الصفراء، يعطي‏ ‏فرصة‏ ‏للبراعم‏ ‏الجديدة‏ ‏أن‏ ‏تنبت‏ ‏في‏ ‏الشجرة‏ ‏أوراقا‏ ‏خضراء‏ ‏جديدة، لولا‏ ‏سقوط‏ ‏الأوراق‏ ‏الصفراء‏ ‏الضعيفة‏ ‏لما‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏فرصة‏ ‏لأوراق‏ ‏جديدة‏ ‏خضراء‏ ‏زاهرة‏ ‏تنبت‏ ‏في‏ ‏الشجرة‏.‏
فكأن‏ ‏هذه‏ ‏الهزة‏ ‏العنيفة‏ ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏فيها‏ ‏سقوط، لكن‏ ‏في‏ ‏المحصلة‏ ‏النهائية‏ ‏هذه‏ ‏الهزة‏ ‏مفيدة‏ ‏للشجرة‏ ‏لأنها‏ ‏تنقيه، تنقيها‏ ‏من‏ ‏الأوراق‏ ‏الصفراء‏ ‏الضعيفة‏ ‏وتعطي‏ ‏فرصة‏ ‏لأوراق‏ ‏جديدة، الكنيسة‏ ‏تتجدد، الاضطهاد‏ ‏والآلام‏ ‏لا‏ ‏تزيل‏ ‏الكنيسة‏ ‏أبدا‏ ‏أبد، بل‏ ‏الاضطهادات‏ ‏والآلام‏ ‏والاستشهاد‏ ‏وما‏ ‏إليها‏ ‏من‏ ‏ظروف‏ ‏الآلام‏ ‏إنها‏ ‏تشد‏ ‏عود‏ ‏الكنيسة‏ ‏وتطهره، تطهرها‏ ‏من‏ ‏الأعضاء‏ ‏الضعيفة، وتعطي‏ ‏فرصة‏ ‏أيضا‏ ‏لأن‏ ‏يتجدد‏ ‏فيها‏ ‏عناصر‏ ‏أخري‏ ‏جديدة، لم‏ ‏تكن‏ ‏موجودة‏ ‏يولدها‏ ‏الاضطهاد، وهكذا‏ ‏سري‏ ‏بين‏ ‏المسيحيين‏ ‏في‏ ‏كافة‏ ‏العصور‏ ‏مثل‏ ‏يقول: إن‏ ‏دماء‏ ‏الشهداء‏ ‏بذار‏ ‏الإيمان‏ ‏احفظوا‏ ‏هذه‏ ‏الجملة‏ ‏دماء‏ ‏الشهداء‏ ‏بذار‏ ‏الإيمان‏ ‏ماذا‏ ‏تعني‏ ‏دماء‏ ‏الشهداء‏ ‏بذار‏ ‏الإيمان؟‏ ‏البذار‏ ‏هي‏ ‏الحب‏ ‏الذي‏ ‏يخرج‏ ‏منه‏ ‏بقول‏ ‏كثيرة، انظروا‏ ‏كيف‏ ‏يحول‏ ‏الله‏ ‏الشر‏ ‏إلي‏ ‏خير‏ ‏ويجعل‏ ‏الآلام‏ ‏فرصة‏ ‏لأن‏ ‏يقوي‏ ‏الإيمان‏ ‏ويزداد‏ ‏الإيمان‏ ‏ويعظم‏ ‏الإيمان‏.
بعض‏ ‏الشهداء‏ ‏عندما‏ ‏كانوا‏ ‏يتعذبون، والناس‏ ‏غير‏ ‏المسيحيين‏ ‏عندما‏ ‏كانوا‏ ‏يرون‏ ‏الاستبسال‏ ‏والشجاعة‏ ‏والقوة‏ ‏والصبر‏ ‏والاحتمال‏ ‏والأمانة‏ ‏والثبات‏ ‏وعدم‏ ‏التزعزع، كانوا‏ ‏يقولون‏ ‏ما‏ ‏أعظم‏ ‏هذا‏ ‏الدين‏ ‏وما‏ ‏أعظم‏ ‏هذا‏ ‏الإيمان‏ ‏وكانوا‏ ‏ينضمون‏ ‏إلي‏ ‏ المسيح ، وكان‏ ‏كثيرون‏ ‏منهم‏ ‏أيضا‏ ‏يتعرضون‏ ‏للاستشهاد، ألوف‏ ‏وعشرات‏ ‏الألوف‏ ‏ولدوا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏بسبب‏ ‏الاضطهاد، لم‏ ‏يكونوا‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏أول، إنما‏ ‏ثبات‏ ‏المؤمنين‏ ‏كان‏ ‏سببا‏ ‏في‏ ‏كسب‏ ‏هذا‏ ‏العدد‏ ‏الضخم‏ ‏أيام‏ ‏استشهاد‏ ‏مارجرجس‏ ‏أو‏ ‏أبي‏ ‏سيفين‏ ‏أو‏ ‏الأمير‏ ‏تادرس‏ ‏أو‏ ‏كل‏ ‏الشهداء، كانت‏ ‏هذه‏ ‏المناظر‏ ‏سببا‏ ‏في‏ ‏إثارة‏ ‏روح‏ ‏الإيمان‏ ‏في‏ ‏غير‏ ‏المؤمنين، وبهذا‏ ‏عاشت‏ ‏الكنيسة‏ ‏ولم‏ ‏تمت‏ ‏أبد، فترات‏ ‏الضعف‏ ‏الذي‏ ‏ظن‏ ‏أنها‏ ‏ضعف‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏الفترات‏ ‏التي‏ ‏فيها‏ ‏سر‏ ‏القوة، لأنها‏ ‏كما‏ ‏أن‏ ‏المرأة‏ ‏تعاني‏ ‏المخاض‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تلد‏ ‏الطفل، هكذا‏ ‏الكنيسة‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الاضطهاد‏ ‏وهو‏ ‏مخاضها‏ ‏تلد‏ ‏أولاد، إذا‏ ‏مرحبا‏ ‏بالاضطهاد‏ ‏وبالآلام، إنها‏ ‏فرصة‏ ‏لإثبات‏ ‏إيماننا‏ ‏بالمسيح، فرصة‏ ‏لإثبات‏ ‏أمانتنا‏ ‏له، وثباتنا‏ ‏علي‏ ‏عقيدتن، وهنا‏ ‏يبدو‏ ‏الإيمان‏ ‏ثمينا‏ ‏غالي، الشئ‏ ‏الذي‏ ‏تدفع‏ ‏فيه‏ ‏ثمنا‏ ‏غاليا‏ ‏يكون‏ ‏غاليا‏ ‏عليك، إنما‏ ‏الأشياء‏ ‏التي‏ ‏تأتي‏ ‏لك‏ ‏رخيصة‏ ‏تبقي‏ ‏رخيصة‏ ‏ليس‏ ‏لها‏ ‏قيمة، المثل‏ ‏الذي‏ ‏قاله‏ ‏سيدنا‏ ‏يسوع‏ ‏ المسيح ، قال: يشبه‏ ‏ملكوت‏ ‏السموات‏ ‏لؤلؤة‏ ‏كثيرة‏ ‏الثمن، فباع‏ ‏رجل‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يملك‏ ‏واشتري‏ ‏هذه‏ ‏اللؤلؤة، لابد‏ ‏من‏ ‏عملية‏ ‏الشراء‏ ‏والبيع، لكن‏ ‏ماذا‏ ‏تشتري‏ ‏شئ‏ ‏ثمين‏ ‏أو‏ ‏شئ‏ ‏لا‏ ‏معني‏ ‏له، إذا‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏لؤلؤة‏ ‏كثيرة‏ ‏الثمن‏ ‏والإنسان‏ ‏باع‏ ‏أشياء‏ ‏كثيرة‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏أن‏ ‏يشتري‏ ‏هذه‏ ‏اللؤلؤة‏ ‏يكون‏ ‏هو‏ ‏الكسبان، صحيح‏ ‏خسر‏ ‏أشياء‏ ‏لكن‏ ‏كسب‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏أعظم‏ ‏مما‏ ‏خسر‏.‏
هكذا‏ ‏ملكوت‏ ‏السموات‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تشتريه‏ ‏بثمن‏ ‏غال‏ ‏لكي‏ ‏يكون‏ ‏ملكوت‏ ‏السموات‏ ‏غاليا‏ ‏عليك‏ ‏أيضا‏.‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تدفع‏ ‏الثمن، لا‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تأخذه‏ ‏بالرخيص، إن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يرضي‏ ‏أن‏ ‏يبيع‏ ‏لك‏ ‏الملكوت‏ ‏بغير‏ ‏ثمن، والثمن‏ ‏هو‏ ‏الثبات‏ ‏وهو‏ ‏الاستمساك‏ ‏بمبادئ‏ ‏ المسيح ، هو‏ ‏تطبيق‏ ‏مبادئ‏ ‏الإنجيل، والاحتمال‏ ‏من‏ ‏أجلها‏ ‏وحينئذ‏ ‏يكون‏ ‏الجزاء‏ ‏المبارك، لا‏ ‏يكلل‏ ‏أحد‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يجاهد، احفظوا‏ ‏هذه‏ ‏العبارة‏ ‏لا‏ ‏يكلل‏ ‏أحد‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يجاهد‏ ‏جهادا‏ ‏قانونيا‏ ‏إكليل‏ ‏لكن‏ ‏لا‏ ‏تأخذه‏ ‏بالرخيص، لابد‏ ‏أن‏ ‏تدفع‏ ‏الثمن‏ ‏لكي‏ ‏تشتري‏ ‏الإكليل، له‏ ‏ثمن‏ ‏وثمنه‏ ‏هو‏ ‏الجهاد‏ ‏لكي‏ ‏يكون‏ ‏غالي‏ ‏عليك، أثبت‏ ‏أنك‏ ‏تستحقه، إنما‏ ‏إذا‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏تعب‏ ‏من‏ ‏أجله‏ ‏فكيف‏ ‏تستحق‏ ‏الإكليل، هناك‏ ‏مبدأ‏ ‏من‏ ‏المبادئ‏ ‏المقررة‏ ‏في‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏كل‏ ‏سيأخذ‏ ‏أجرته‏ ‏حسب‏ ‏تعبه‏ ‏التعب‏ ‏هو‏ ‏المقياس، هو‏ ‏المقياس‏ ‏في‏ ‏التفاوت‏ ‏في‏ ‏الجزاء، القديسون‏ ‏ليسوا‏ ‏في‏ ‏درجة‏ ‏واحدة، نجم‏ ‏يمتاز‏ ‏عن‏ ‏نجم‏ ‏في‏ ‏المجد، هناك‏ ‏نجم‏ ‏يكون‏ ‏لامعا‏ ‏جد، هذا‏ ‏البريق‏ ‏اللامع‏ ‏هو‏ ‏الفرق‏ ‏في‏ ‏المجد‏ ‏لأنه‏ ‏يجذب‏ ‏الانتباه، لكن‏ ‏ليس‏ ‏كل‏ ‏النجوم‏ ‏في‏ ‏لمعان‏ ‏واحد، ليس‏ ‏كل‏ ‏الأبرار‏ ‏في‏ ‏درجة‏ ‏واحدة، هناك‏ ‏تفاوت‏ ‏في‏ ‏الجزاء‏ ‏لأن‏ ‏الله‏ ‏عادل‏ ‏ويقول‏ ‏أجازي‏ ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏علي‏ ‏حسب‏ ‏عمله، لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏تفاوت‏ ‏في‏ ‏الجزاء‏ ‏وبالتالي‏ ‏أيضا‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏تفاوت‏ ‏في‏ ‏العقاب، لأن‏ ‏الله‏ ‏عادل‏.‏فكل‏ ‏واحد‏ ‏سيأخذ‏ ‏أجرته‏ ‏حسب‏ ‏تعبه‏.‏
من‏ ‏هنا‏ ‏تكون‏ ‏الآلام‏ ‏والاضطهادات‏ ‏يفرح‏ ‏بها‏ ‏القديسون‏ ‏لأنها‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏تتحول‏ ‏إلي‏ ‏لآلئ‏ ‏في‏ ‏إكليلهم‏.‏
اللآلئ‏ ‏في‏ ‏إكليل‏ ‏المجد‏ ‏كيف‏ ‏تتكون؟‏ ‏بالألم‏ ‏والجروح‏ ‏والتعب، إذن‏ ‏لا‏ ‏نحزن‏ ‏من‏ ‏التعب‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏ المسيح ، ونترك‏ ‏الكلام‏ ‏الضعيف‏ ‏الرخيص‏ ‏الذي‏ ‏يخرج‏ ‏من‏ ‏أفواهنا‏ ‏من‏ ‏وقت‏ ‏لآخر‏ ‏ونقول‏ ‏لماذا‏ ‏ربنا‏ ‏سمح؟‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏الآباء‏ ‏يقولونه‏ ‏أبدا‏ ‏أبدا‏ ‏إنما‏ ‏نحن‏ ‏في‏ ‏فترات‏ ‏الضعف‏ ‏التي‏ ‏أصبحنا‏ ‏اليوم‏ ‏فيها‏ ‏نتضايق‏ ‏من‏ ‏الاضطهاد‏ ‏ومن‏ ‏الألم، كان‏ ‏آباؤنا‏ ‏يعتبرون‏ ‏الألم‏ ‏فرصة‏ ‏إظهار‏ ‏إيمانهم‏ ‏وتمسكهم‏ ‏به‏.‏لا‏ ‏تظنوا‏ ‏إذن‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏تخلي‏ ‏عن‏ ‏الكنيسة، الله‏ ‏يرقب‏ ‏ليري‏ ‏الصابرين، كلنا‏ ‏نقول: صبر‏ ‏أيوب‏ ‏صبر‏ ‏أيوب، المسيحيون‏ ‏واليهود‏ ‏والمسلمون، العالم‏ ‏كله‏ ‏يقول: صبر‏ ‏أيوب‏ ‏لماذا؟‏ ‏لأن‏ ‏أيوب‏ ‏صبر‏ ‏سبع‏ ‏سنوات‏ ‏علي‏ ‏آلام‏ ‏متوالية، ونجح‏ ‏أخيرا‏ ‏بأنه‏ ‏لم‏ ‏يتزعزع‏ ‏إنما‏ ‏ثبت، لو‏ ‏كان‏ ‏أيوب‏ ‏انهار‏ ‏من‏ ‏أول‏ ‏تجربة‏ ‏مثل‏ ‏ما‏ ‏يحدث‏ ‏لن، كان‏ ‏أيوب‏ ‏اختفي‏ ‏مع‏ ‏الزمن‏ ‏مثل‏ ‏غيره، لكن‏ ‏ثباته‏ ‏جعل‏ ‏أيوب‏ ‏نموذجا‏ ‏لكل‏ ‏الأجيال‏ ‏في‏ ‏الصبر‏ ‏والاحتمال‏ ‏وطول‏ ‏البال‏.‏
هكذا‏ ‏الآباء‏ ‏الذين‏ ‏نفتخر‏ ‏بهم‏ ‏الآن‏ ‏هم‏ ‏الآباء‏ ‏الذين‏ ‏تألموا، أكثر‏ ‏من‏ ‏غيرهم، لماذا‏ ‏مارجرجس‏ ‏يسمونه‏ ‏أمير‏ ‏الشهداء،  المسيح ‏في‏ ‏أحد‏ ‏ظهوراته‏ ‏وتجلياته‏ ‏له‏ ‏قال‏ ‏له: لم‏ ‏يقم‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏المولودين‏ ‏من‏ ‏النساء‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏أعظم‏ ‏من‏ ‏يوحنا‏ ‏المعمدان‏ ‏ولم‏ ‏يقم‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏الشهداء‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏أعظم‏ ‏منك‏ ‏لماذا‏ ‏مارجرجس، لأنه‏ ‏أكثر‏ ‏واحد‏ ‏تعذب، سبع‏ ‏سنوات‏ ‏متواصلة‏ ‏بكافة‏ ‏صنوف‏ ‏العذاب، لو‏ ‏كان‏ ‏قال‏ ‏أين‏ ‏ربنا؟‏ ‏
والله‏ ‏تركني، وهذا‏ ‏الكلام‏... ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏هناك‏ ‏مارجرجس، ولم‏ ‏يخرج‏ ‏لنا‏ ‏أبطال‏ ‏الإيمان، ولذلك‏ ‏يقول‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس: لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏بينكم‏ ‏بدع‏ ‏ليكونوا‏ ‏المزكون‏ ‏ظاهرين، من‏ ‏الذين‏ ‏نفتخر‏ ‏بهم‏ ‏اليوم‏ ‏ونعيش‏ ‏علي‏ ‏سمعتهم‏ ‏وعلي‏ ‏سيرتهم‏ ‏من‏ ‏هم؟‏ ‏هم‏ ‏الذين‏ ‏احتملوا‏ ‏والذين‏ ‏صبروا، إذن‏ ‏انتظار‏ ‏المسيح‏ ‏وعدم‏ ‏تدخله‏ ‏ليس‏ ‏لأنه‏ ‏بعيد‏ ‏عن‏ ‏الكنيسة، أو‏ ‏لأنه‏ ‏تخلي‏ ‏عن‏ ‏الكنيسة، أو‏ ‏لأنه‏ ‏ضعيف، لا‏...‏هو‏ ‏واقف‏ ‏يرقب‏ ‏ليري‏ ‏الصبر‏. ‏ليري‏ ‏إذا‏ ‏كنا‏ ‏ثابتين‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏أو‏ ‏لا‏...‏فالضيقات، والآلام‏ ‏فرصة‏ ‏ليبرز‏ ‏فيها‏ ‏صبر‏ ‏الصابرين، ويبدو‏ ‏فيها‏ ‏الإيمان‏ ‏وبهذا‏ ‏الإيمان‏ ‏نكسب‏ ‏للمسيح‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏نكسب‏ ‏في‏ ‏أيام‏ ‏الضعف‏ ‏وفي‏ ‏أيام‏ ‏الرخاوة، العود‏ ‏إذا‏ ‏أحرق‏ ‏تخرج‏ ‏منه‏ ‏الرائحة‏ ‏الجميلة، فبدون‏ ‏الحرق‏ ‏لا‏ ‏تخرج‏ ‏منه‏ ‏الرائحة‏ ‏الجميلة‏.‏
الرائحة‏ ‏الجميلة‏ ‏إذن‏ ‏في‏ ‏المسيحيين‏ ‏تخرج‏ ‏حينما‏ ‏تكون‏ ‏هناك‏ ‏ضيقات‏ ‏ويكون‏ ‏هناك‏ ‏حرق‏ ‏وضغوط‏ ‏عليهم، فإذا‏ ‏ثبتوا‏ ‏خرجت‏ ‏رائحتهم‏ ‏ذكية‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏وأمام‏ ‏الناس‏ ‏أيضا‏ ‏وللأجيال‏ ‏وللتاريخ‏.‏
كنيستنا‏ ‏سميت‏ ‏كنيسة‏ ‏الشهداء‏ ‏لماذا؟‏ ‏
كنيستنا‏ ‏تفتخر‏ ‏اليوم‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏صدرت‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏عددا‏ ‏من‏ ‏الشهداء‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏صدرت‏ ‏كنيسة‏ ‏مصر‏.‏هذا‏ ‏فخرها‏ ‏ولذلك‏ ‏نحن‏ ‏نسبيا‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏مما‏ ‏فينا‏ ‏من‏ ‏ضعف‏ ‏ما زالت‏ ‏عندنا‏ ‏بركة‏ ‏قد‏ ‏نكون‏ ‏نحن‏ ‏لا‏ ‏نستحقها‏.‏

ورثنا‏ ‏المجد‏ ‏عن‏ ‏آباء‏ ‏صدق‏ ‏أسأنا‏ ‏في‏ ‏ديارهم‏ ‏الصنيع إذا‏ ‏المجد‏ ‏التليد‏ ‏توارثته‏ ‏بناة‏ ‏السوء‏ ‏أوشك‏ ‏أن‏ ‏يضيع
إنما‏ ‏نحن‏ ‏إذا‏ ‏كنا‏ ‏نعيش‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏فهذه‏ ‏بركة‏ ‏آبائنا‏ ‏الصامدين‏ ‏الأقوياء‏ ‏الذين‏ ‏صمدوا‏ ‏أمام‏ ‏الآلام، فعبدوا‏ ‏أمامنا‏ ‏الطريق‏ ‏وهيأوا‏ ‏أمامنا‏ ‏السبيل‏ ‏فدخلنا‏ ‏نحن‏ ‏علي‏ ‏تعبهم، آخرون‏ ‏تعبوا‏ ‏كما‏ ‏يقول‏ ‏ المسيح ‏وأنتم‏ ‏دخلتم‏ ‏علي‏ ‏تعبهم‏.‏
إذا‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏بركة‏ ‏لنا‏ ‏وبركة‏ ‏لشعبنا‏ ‏فهي‏ ‏بركة‏ ‏هؤلاء‏ ‏الآباء‏ ‏الذين‏ ‏صمدوا‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏وثبتوا‏ ‏ولم‏ ‏يتزعزعوا‏ ‏ولم‏ ‏تخر‏ ‏قواهم، وتركوا‏ ‏لنا‏ ‏أمثلة‏ ‏للبطولة‏ ‏والشجاعة، فإذا‏ ‏لم‏ ‏نكن‏ ‏نحن‏ ‏صامدين‏ ‏نكون‏ ‏قد‏ ‏جلبنا‏ ‏العار‏ ‏علي‏ ‏كنيستنا‏ ‏وعلي‏ ‏آبائنا‏ ‏وعلي‏ ‏أجدادنا‏ ‏وعلي‏ ‏كل‏ ‏تاريخنا‏.‏

مصدر الموضضوع 
مقالة للمتنيح‏ ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس - عظة‏ ‏ألقيت‏ ‏صباح‏ ‏الأحد‏ 5 ‏يوليو‏ .1982
نشرت فى جريدة وطنى بتاريخ 3/9/2006 م السنة 48 العدد 2332 بعنوان : " عصر‏ ‏الاستشهاد‏ ‏امتحان‏ ‏للإيمان "

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يسعدنا تعليقكم علي الموضوع