أحد ساكني الجحيم
+ من أعماق الجحيم أكتب إليكم ، من
أعماق الظلمة ، من أعماق الشقاء واليأس .
المكان موحش ، مرعب ، هائل، ليس له
نظير* في أرضكم ، لقد بئست الجحيم لي مستقراً ، لقد اكتنفني ليل أبدي لا أعرف له
صبحاً.
في ذلك الظلام الدامس أريد أن أغمض
جفني لعلي أنام ، ولكن لكيف أنام هنا ، مسكين وبائس أنا ، لقد جئت إلى هذا المكان
لأكون فيه إلى الأبد.
كنت في عالمكم أسرح وأمرح غير مبال
بهذا المصير ، يا له من مصير رهيب.
لقد أغمضت عيني في لحظة عن عالمكم
وفتحتها هنا في هذا الجحيم وقد غاب العالم عن أنظاري ، لأرى أرواح الشر ورسل
الظلام ترقص من حولي ، ورأيت الشيطان وفد صوب نحوي عينيه الناريتين ، وبسط على
جناحيه الأسودين ، فقبض على روحي وزج بها إلى أعماق أعماق هذا الجحيم .
فصرخت فدوت صرختي أركان الجحيم ،
أنني فريسة تتحرك في أحشاء الجحيم ، لقد وقعت بين مخالبه القاسية الملتهبة* ولا
أستطيع النجاة. لا أستطيع أن أصف لكم ما يجول بخاطري ، وأنا أغوص تارة* وأطفو تارة
أخرى في أعماق بحيرة النار ،تتضارب في صدري عوامل عدة هي مزيج من الحزن و الألم
والحسرة والندم !
من حولي نار تستعر ، وفي قلبي براكين
تثور ، آه لقد أتيت هنا لأقضي بقية الأبدية التي لا تنتهي.
أما من حد لهذا اللهيب المتقد ؟ أما
من موت يباع فأشتريه ؟
الموت قد* فارقنا ، وهو لدي أحب من
كل حبيب ! اللهم حنانك ورحمتك ، ولكن أعلم أنه لا رحمة لي عندك الآن ، بعد أن رفضك
وأهنتك في حياتي وفي زمن الرحمة .
ها أنا* أغوص تحت ثقل خطاياي* ، أغوص
حيث لا أعرف قراراً ، آه يا له من حمل ثقيل ، لست أدري كيف طقت حمله وأنا على
الأرض ، بل لست أدري كيف استطاعت الكرة الأرضية أن تحملني وتحمل ذنوبي !
بالأمس كنت لا أحس* واليوم أشعر ،
بالأمس كنت أعمى واليوم أبصر ، بالأمس كنت أهذأ وأسخر واليوم أبكي دماً.
صراخ الضمير يعم أذني " ويلاً !
ويلاً ! ويلاً ! "
نم أيا ضميري قليلاً ، آه ولكنه لن
ينام بعد ، لقد نام ما يكفيه في الأرض ، و ها هو الآن استيقظ يقظته الأبدية
ليعذبني عذاباً أبدياً .
ضميري* يصرخ صرخته " أنك مجرم
قاتل ، يداك تشهدان عليك ، لقد أغرقت صوتي على الأرض في لذاتك وطربك ، وقد كان صوت
النصح والإرشاد ، وقد آن لك أن تسمع صوتي صوت انتقام وعقاب ، ويلاً ! ويلاً ! ويلاً
!
أرى من حولي نفوساً من مختلف الأعمار
والطبقات والأجناس ، أرى ملوكاً وأمراء وأشرافاً ، أرى نفوساً لم تألف غير المديح
والثناء ، وهى الآن لا تسمع غير اللعنات القاسيات ، أرى كليوباترة التى زعمت أنها
ستكون سيدة العالم الأبدي ، ولكنها لا تفرق عني شيئا .
أرى نفوساً ممن لبسوا ثوب الرياء
والنفاق ، وقد احترق هذا الثوب فظهر ما كانوا يبطنون .
أرى أساقفة وقسوساً وكهنة ومبشرين
ممن تاجروا بكلمة الله ، وخدعوا الناس طويلاً ، وها هم يحصدون ثمر أعمالهم .
أرى أغنياء وقد استغنوا عن كل نفيس
أراهم عراة حفاة ، لا يجدون نقطة ماء يبردون بها شفاهم ، أرى نفوساً ممن كانوا من
ذوي الظرف واللطف ، نفوساً ممن كانوا من أهل اللهو والطرب وهي ترقص رقصة الطير
المذبوح.
أرى ابنا يسب أباه ، وأخاً يلعن أخاه
، وأماً تسلم شرف ابنتها إلى أيدي التجار ، أرى صديق خائن ، وقريب شائن.
والآن أنن أغوص فلا أرى شيئاً , يا
ساكني الأرض لا تأتوا إلى هذا العذاب .
إن الله يحبك، يحبك أنت،يحبك بالرغم
من جرمك وخطيتك ، يحبك ويريد خلاصك ،فماذا أنت فاعل بهذا الحب ؟
الله يحبك ،وحبه لا ينتهي ،ليس غيره
يستطيع أن ينقذك،وأنه ضحى بابنه الوحيد لكي ينقذك من هذا اللهيب الذي لا ينتهي.
آه لو كنت تعلم مقدار الحب الذي
يضمره* لك قلب المسيح ، ذلك القلب الكبير المتسع ، الذي يهتم بك وبالعالم كله .
ربما لم تكن قد أدركت من قبل ، ولكنه
حقيقة لا ريب فيها.
وإن كنت في شك وريب* تأمل جراحته على
الصليب ، قف أمام الصليب ليعلن لك هذا الحب السرمدي ، وستبقي أثر المسامير أعظم
أثر لأعظم حب لن ولم ترى البشرية مثيلاً له .
انظر إلي الصليب لترى إكليل الشوك
ينغرس في جبينه فتسيل منه سيول الدم ، انظر إلى الحربة المطعونة في جنبه لتخترق
إلى أعماق قلبه لينفجر منه الدم والماء ولتفتح لنا طريقاً للحياة الأبدية .
انظر يداه اللتان بها قد خلق الكون
وما فيه ، يداه اللتان لم يبسطها إلا للبركة والرحمة تشقها مسامير الغدر والانتقام.
لقد شرب المسيح من أجلك كأس الألم من
أجل خلاصك أنت .
حمل كل خطاياك على الصليب حتى لا
تحمل أنت العقاب .
انه يريد أن يهبك سلامه وغفرانه ،
يداه المبسوطتان على الصليب مستعدتان أن تباركك ببركات الخلاص العجيب .
فان شئت ورغبت اقبله الآن ولا ترفض
كما رفضت أنا ، انه مات من أجلك ، انه* اشتراك حتى لا تأتي إلى هذا العذاب* سلم له
حياتك لتحيا .
يا ساكني الأرض
لا تموتوا عطاشى وماء الحياة يتدفق
من حولكم ، لا تعيشوا جوعي وخبز الحياة معكم ، لا تقضوا حياتك يتامى ورب الحياة
بجواركم .
لماذا البؤس والشقاء ، لماذا الخصام
والنزاع ورب السماء يريد أن يفعم قلوبكم بسعادة لا تنتهي.
+ فما هو موقفك* وموقفي من صديق نراه
يرزح تحت حمل خطاياه ؟
+ما هي طرقنا ونهجنا مع أهلنا
،عائلتنا ، أحباءنا ،* أقرباءنا ،جيراننا ؟* هل أخذتنا مشاغل الحياة عنهم ، هل
صرنا ممن لا يبالون ؟
+ ما هي رسالتنا لعالم جريح ؟* ما هي
رؤيتنا للنفوس الضالة .
+ ماذا فعلت لترضى المسيح.
* * اتمنا اننا نحترس لان الرب قريب
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
* * * * * * * * * * * * * * +* * *
0 التعليقات:
إرسال تعليق
يسعدنا تعليقكم علي الموضوع