قصة الحلواني العجيب
كان العم بشاي الحلواني
رجلًا أمينًا وبسيطًا للغاية،
يسير بعربته التي ملأها بالحلوى في شوارع شبرا يبيع
للأطفال، خاصة بجوار إحدى مدارس شبرا.
كان العم بشاي محبًا
للإنجيل،
يأتيه بعض أصدقائه ليجالسوه فيقدم لهم إنجيله
الذي لا يعرف القراءة فيه،
ويسألهم أن يقرءوا له منه بعض الفصول أو حتى بعض الفقرات.
وفي أحد الأيام لاحظ العم
بشاي أحد جيرانه
قادمًا إليه من بعيد وقد ظهرت عليه علامات الارتباك الشديد،
وفي
هدوء شديد قال له العم بشاي:
- سلام يا أخي.
- سلام يا عم بشاي.
- خيرًا!
- كل الأمور تسير في خير،
إنما السيدة أم مجدي تشعر بألم وتطلب منك
إن أمكن أن تترك العربة لأحد أصدقائك
وتذهب إليها.
ارتبك العم بشاي قليلًا
فقد ترك زوجته،
أم مجدي، في الصباح حيث كانت تشعر بقليل من الألم،
لكن لم يكن يظن
أن الأمر فيه خطورة،
فقد أخفت الكثير من آلامها وراء ابتسامتها الرقيقة
وكلماتها
العذبة معه ومع أولادهما الثمانية.
رشم العم بشاي نفسه
بعلامة الصليب،
ورفع قلبه نحو السماء يصلي لأجل زوجته،
ثم سار نحو بيته حيث وجد
باب حجرته - في الدور الأرضي -
مفتوحًا وقد التفت النساء الفقيرات حول زوجته
المسكينة في الحجرة الوحيدة التي تعيش فيها كل العائلة.
لقد اعتادت هؤلاء النسوة
أن يزرن البيت ويأخذن
معونة بسيطة من السيدة أم مجدي..
إذ رأى الرجل هذا المنظر،
خاصة وقد بدأت النسوة يعزينه في زوجته التي ماتت،
تمالك نفسه قليلًا وفي هدوء طلب
منهن أن
يتركن الحجرة إلى حين ومعهن أولاده،
ودخل الرجل حجرته ليقترب من زوجته
الممتدة على
السرير بلا نَفَس، جثة هامدة. في إيمان عجيب ركع العم بشاي،
وهو يصرخ
في بساطة قلب، قائلًا:
"أنت أعطيتني يا رب ثمانية أولاد وأعطيتني هذه الزوجة
عمودًا للبيت تربي أولادي...
فكيف تأخذها منا؟
من يستطيع أن يربي هؤلاء الأولاد؟"
انزرفت الدموع من عينيه
بلا حساب وهو يعاتب اللَّه
متمتمًا بكلمات غير مسموعة، وإذ هو غارق في دموعه
سمع
كلمات واضحة: "لقد وهبت زوجتك خمسة عشرة
عامًا كما فعلت قبلًا مع حزقيا الملك".
هنا استرد الرجل أنفاسه ليشكر اللَّه على عطيته ورعايته،
ثم نادى النسوة أن يدخلن
الحجرة وطلب
منهن أن يقدمن لها طعامًا.
في بساطة مملوءة إيمًانا،
قال الرجل لزوجته:
"يا أم مجدي قومي لتأكلي..."
وإذا بالسيدة تفتح
عينيها وبعد دقائق صارت تأكل.
خرج العم بشاي من بيته
وهو يشكر اللَّه على عظيم رعايته،
وإذ وجد أحد معارفه سأله أن يكتب له تاريخ
اليوم
في ورقة صغيرة ليضعها في محفظته.
مرت الأيام والسنين وإذا
بالعم بشاي يشيخ وقد ربى
أولاده الثمانية خلال عمله كبائع حلويات.
وفي أحد الأيام
جاءه رجل يقول له بأن أم مجدي مريضة جدًا.
أخرج الرجل الورقة من محفظته وسأله أن
يقرأ له التاريخ
المكتوب عليها، وإذ عرف أنه قد مرت خمسة عشرة عامًا
تمامًا أدرك
أن وقت نياحتها قد حان،
وعندئذ نزلت الدموع من عينيه وهو يسرع
نحو بيته يقود عربة
الحلوى.
دخل الرجل حجرته حيث
ارتمى بجوار
السرير وهو يقول لزوجته:
"وداعًا يا أم مجدي!
وداعًا!
أشكرك يا رب لأنك تركتها
لي كل هذا الزمان
لتربي أولادها وتعينني.
الآن استريحي يا أم مجدي
في الرب.
اذكريني عند ربي يسوع
المسيح!"
++++++++++*
ما أعذبك يا خالقي،
تهبني عذوبة وتهليلًا في
حياتي اليومية.
* وتمنحني سلامًا وبهجة
في رحيلي.
إن عشت فلك أعيش،
وإن مت فلك أموت.
أنت هو حياتي ومجدي
الأبدي!
0 التعليقات:
إرسال تعليق
يسعدنا تعليقكم علي الموضوع